Sunday, November 1, 2009

برمهنسا يوغانندا: الإنسان ومرحلة النضج
































الإنسان ومرحلة النضج
ترجمة: محمود عباس مسعود





مزيد من تعاليم المعلم برمهنسا في موقع سويدا يوغا على الرابط التالي
www.swaidayoga.com





إن فكرة وجود إنسانية واحدة وثقافة واحدة تضع أمامنا هدفاً عملياً وتحتم علينا بذل المجهود وعمل كل ما يلزم لتحقيق ذلك الهدف.



الإنسانية الواحدة تعني الإنسانية بكل ما فيها من أعراف وأعراق وأديان ولغات وتيارات وتطورات. فالإنسانية هي واحدة في جوهرها وطموحاتها وفرصها المتاحة، مثلما هي واحدة في إنجازاتها المادية والعقلية والأدبية والجمالية والروحية.



لا مناص اليوم للعقل العلمي من الإعتراف بأن عملية التطور لم تتوقف بل هي جارية على قدم وساق. ومع أن هذا التطور لا يمكن ملاحظته بسهولة من الناحيتين الفيزيقية والفسيولوجية في الجسم البشري، لكن من الواضح أننا لسنا مجرد كائنات حية بأجسام وطاقات حيوية. فنحن أيضاً كائنات عقلية. فمن العالـَم البيولوجي دخلنا العالـَم النفساني. الكثير منا يعيش في عالم الأفكار والتصورات والطموحات والإدراك الحسي أو الحدسي، وقد يكون هناك من يعيش في عالم النشوة الروحية التي يختبرها اليوغيون والصوفيون.



العملية تبدو منطقية لأننا كائنات واعية وعلى دراية بوعينا ولنا القدرة على التعامل مع ما ندعوه ضميراً. وهذا يعني أننا شركاء في تطورنا الطبيعي المتواصل.



إنها مغامرة جديدة وفريدة من نوعها، لكنها مغامرة يدعونا إليها كياننا بأسره لأنها ستقرر ماهيتنا وما سنكون عليه.



إن قطعة الصوان هي عمل من أعمال الطبيعة، لكن شحذها واستعمالها كأداة هو جزء من ثقافة الإنسان.



المغارة هي كهف طبيعي، لكن صور الحيوانات المنحوتة على الصخور داخل الكهوف هي فنٌ وجزءٌ لا يتجزأ من ثقافة الإنسان.



فأينما وحيثما استعمل الإنسان ملكاته وقواه المتعددة.. بدنية أو نفسية أو أدبية أو جمالية أو روحية لعمل أو اختبار شيء ما، يظهر قدرته على التفاعل مع الحضارة والثقافة العالمية. ولولا تفعيل تلك الطاقات لبقيتْ هاجعة كما في الطور الحيواني.



هذه المقدرة كامنة في الإنسان. ومهما كانت طبيعة تلك الثقافة وأينما وُجدت تبقى ثقافة إنسانية وتراثاً مشتركاً للبشرية جمعاء.



وإذ نقرر هذه الحقيقة بأن الإنسانية واحدة وتراثها مشترك، لا بد أن ننقب في ماضينا وحاضرنا ونستشرف أيضاً مستقبلنا.



لقد بلغ الإنسان مرحلة النضج حيث يمكنه تطوير نفسه والنهوض بها إلى مستويات أرق وأرقى. ولا يمكن له أن يظل قانعاً في الجري مع تيار الزمن. فهو كائن مسؤول على هذا الكوكب الأرضي.



وبخلاف الكائنات الأخرى، فهو ليس واعياً وحسب، بل يمتلك الوعي بالذات وهو أيضاً على دراية بوعيه الذاتي. وباختصار إنه يعلم ويعلم أنه يعلم. لا يمكنه أن يتذرع بالجهل لأنه يعرف ما هو قادر عليه فيما لو أراد أن يفعل ما يريد فعله.



إن لم يفعّل إرادته فالذنب ذنبه والضعف ضعفه.



قد يقول أنه حتى عندما يستخدم إرادته لا يمتلك مع ذلك القدرة على تحقيق ما يريد. لكن تلك حجة واهية لأنه عندما يريد سيوقظ قوى هاجعة وطاقات بانتظار العمل. وعلى قدر الإرادة التي يملكها يحصل على القوة التي يحتاجها.. (حقاً أن على قدر أهل العزم تأتي العزائم...)



هذا ما يُتوقع من الإنسان المسؤول أن يفعله.. وسيفعله ما دام يؤمن بأنه واجب مقدس يستحق الإهتمام والإنجاز (مشيناها خطىً كتبتْ علينا... ومن كتبتْ عليه خطىً مشاها).



ما من شك في أن الإنسان في تطور متواصل. فالله أو الطبيعة أو القوة الكونية أو ما يرغب الإنسان في اعتباره أصل الحركة ومنبع الطاقة في الوجود لا يتوقف عن العمل لحظة واحدة.



وفي هذه المرحلة من نشوء الإنسان فإنه مدعو للمشاركة في تطوره الذاتي لمساعدة الطبيعة بدلا من الهبوط انحداراً من شلال النشوء والإرتقاء كقرمة من الخشب.


إن فكرة إنسانية موحدة ليست من نسج الخيال بل من واقع الحال. فكلما تطورت وسائل المواصلات والإتصال والعلوم والتقنيات تتوسع مدارك وعينا بالتوازي مع اكتشافاتنا فنشرع بمحبة كل ما يقع وراء حدود بيئتنا الضيقة ونعمل جاهدين على التواصل مع غيرنا بكل الوسائل المتوافرة. ولا عجب بأننا اليوم على معرفة بكل ما يحدث للناس في هذا العالم حتى في أبعد الدول وأكثرها تخلفاً.



ومع هذا التواصل الحيوي بين أبناء الإنسانية الواحدة يحدث التعاطف وتتقارب الرؤى وتختزل المسافات ويصبح العالم قرية واحدة (بحسب ما نلمس إرهاصاته.. بل ونختبره في عصرنا هذا.


- مجلة معرفة الذات












No comments:

Post a Comment

Followers